لعله لا يلقانا العام القادم
بقلم/ سليم عثمان
كاتب وصحافي مقيم في قطر
إني رأيت أن لا يكتبَ إنسانٌ كتاباً في يومه إلا قال في غده:
لو غُيِّرَ هذا لكان أحسنَ, ولو زيدَ كذا لكان يُستحسنُ , ولو قُدِّم هذا لكان أفضلَ, ولو تُرك هذا لكان أجملَ, وهذا من أعظم العِبَرِ, وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جُمْلةِ البشرِ . العماد الأصفهاني
هل فكرت أخي المسلمة- أختي المسلمة أن رمضان هذا العام ربما يكون الأخير الذي تصومه فى حياتك ؟هل تفكر فى أن تجعله مختلفا عن رمضانك السابق؟ لَو نَظَرَ كُلٌّ مِنَّا فِيمَا مَضَى مِن عُمُرِهِ وَمَا خَلا مِن أَيَّامِ دَهرِهِ ثم سَأَلَ نَفسَهُ: كَم رَمَضَان مَرَّ عَلَيَّ؟ وَمَاذَا فَعَلتُ فِيمَا مَضَى مِن مَوَاسِمَ؟ هَل كُنتُ فِيهَا مَعَ المُشَمِّرِينَ المُسَابِقِينَ المُسَارِعِينَ، أَم كُنتُ مُسَوِّفًا مُقَصِّرًا عَاجِزًا؟ لوجدنا هنالك تقصيرا كثيرا لذا لن يكفي احدنا التحسر والندم بل التشمير عن ساعد الجد لإغتنام فرصة جديدة قد لا تتكرر ، فقد كان معظمنا سَهَرٌ في اللَّيلِ طَوِيلٌ، وَنَومٌ في النَّهَارِ وَبِيلٌ، وَتَفوِيتٌ لِصَلاةِ الجَمَاعَةِ، وَعَدَمُ إِدرَاكٍ لِتَكبِيرَةِ الإِحرَامِ، بَل رُبَّمَا تَركٌ لِلصَّلَوَاتِ المَفرُوضَةِ وَتَضيِيعٌ لها، فَكَيفَ بِصَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَقِيَامِ اللَّيلِ؟! أَمَّا القُرآنُ فَمَا أَطوَلَ شَكوَاهُ مِنَ الهَجرِ وَعَدَمِ العِنَايَةِ بِهِ! وَأَمَّا الإِنفَاقُ فَمَا أَقَلَّ نَصِيبَنَا مِنهُ! وَأَمَّا المُشَارَكَةُ في البِرِّ وَنَفعِ الآخَرِينَ فَمُقِلُّونَ مِنهَا. هَذِهِ هِيَ أَحوَالُ أَكثَرِنَا فِيمَا مَضَى وَخَلا إِلاَّ مَن رَحِمَ اللهُ، وَأَحسَنُنَا حَالاً مَن يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ قَلِيلاً مِنَ اللَّيلِ، وَيَقرَأُ مِنَ القُرآنِ شَيئًا وَلا يَكَادُ يَختِمُهُ، وَهُوَ في مَكَانِهِ هَذَا يُراوِحُ، وَلِمُستَوَاهُ مُنذُ سَنَوَاتٍ مُلازِمٌ، يَتَقَدَّمُ عُمُرُهُ ولم يَتَقَدَّمْ عَمَلُهُ، وَيَقتَرِبُ أَجلُهُ وَلم يَزدَدْ تَأَهُّبُهُ ، وما دام الإنسان حيا وفي كامل قواه العقلية ،فهو مأمور بالتوبة، من ذنب أو من غير ذنب، وتجديدها كلما سنحت الفرصة، وليس هنالك ذنب مهما عظم ،لا تصح التوبة منه، أو لا تقبل التوبة منه كما يعتقد البعض ، ورمضان فرصة طيبة لتصحيح أخطاءنا وتقصيرنا ،فيما فرطنا فى سابق أعمارنا، ولهذه الغفلة التى يقع فيها الكثيرمنا ،آثارا سلبية ،ونتائج فادحة، قد تصيب المرء في مقتل ، وخصوصا إذا فاته الأوان، بأن لقي ربه ،وهو على تلك الحال، من الانغماس في المنكرات ،وترك الواجبات،فكم من اخوان لنا صاموا معنا العام الفائت، واليوم نفتقدهم؟ ومن تلك الآثار القبيحة الخطيرة، شقاوة في الحياة وضنك في المعاش، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (طه:124) ثم الحسرة والندامة يوم القيامة على التفريط في دين الله، وهو وقت لا ينفع فيه الندم وأخيرا تمني العودة والكرة إلى الدنيا لاستدراك ما فات، وهو أمر ممتنع ولا شك، قال تعالى: أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.فى هذا الشهر الفضيل علينا أن نتذكر الموت: يقول الله تعالى تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (آل عمران:185)، وقال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (الرحمن:26، 27)، وقال تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (النساء:78)، وقال الرسول : (أكثروا من ذكر هادم اللذات).
فأكثر من عملك،عزيزي الصائم واقصُر من أجلك"، قال الشاعر:
الْموت في كل حين ينشر الكفنا...ونحن في غفلة عما يراد بنا
لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها...ولو توشحت من أثوابها الْحسنا
أين الأحبة والجيران وما فعلوا...أين الذين هم كانوا لنا سكنا
سقاهم الْموت كأسًا غير صافية...فصيرتْهم لأطباق الثرى رهنا
فيا أخي الصائم كم من ذاهب بلا إياب، وكم من حبيب على الرغم قد فارق الأحباب وترك الأهل والأصحاب وانتقل إلى ثواب جزيل أو عقاب وأنت ما زلت مخدوعًا بهذه الدنيا وسفرك على اقتراب، فانتبه واستعدّ للرحيل بعمل صالح تفرح به عند مقابلة ربك الجليل.
اللهم إنا نسألك أن تهدينا بهداية الإيمان، وأن تغفر لنا الذنوب والعصيان، اللهم واجعل الدنيا في أيدينا، وأعنّا اللهم على طاعتك، واغفر اللهم لنا ولجميع موتى المسلمين.
أذكر نفسي وإيّاكم إخوتي بشكر الله تبارك وبقوله تعالى : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:152) نشكر الله تعالى الّذي وفّقنا لبلوغ هذا الشّهر ، شهر الصّبر، شهر الطّاعة والشّكر، شهر الإنابة والذّكر ، فكم من قلوب اشتاقت وحنّت للقاء هذا الشّهر فانقطع بها القدر، وانقطع عنها الأثر ،صاروا اليوم في القبور واللّحود، وما عادوا من أهل الوجود ، وكم مـن أناس رأيناهم تفانوا فلم يبق منهم قريب، وصاروا إلى حفرة تحتوي ويُسلم فيها الحبيبَ الحبيبُ ، لقد أراد الله تعالى أن تكون هذه السّنة ممّن يزدادون تقرّبا منه تعالى بصوم شهر رمضان وقيام ليله ، ولو قيل لأهل القبور تمنّوا لتمنّوا يوما من رمضان ، ويدلّ على ذلك ما رواه الطّبرانيّ في (الأوسط) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ بقبر فقال: ( مَنْ صَاحِبُ هَذَا القَبْرِ ؟ ) فقالوا: فلان. فقال: ( رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلَى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ ). فإذا كان هذا حال ركعتين فقط، فكيف أخي الكريم - أختي الفضلي بأيّام نهارها صيام؟ وليلها قيام؟ نهارها ذكر وخضوع؟ وليلها تهجّد وخشوع؟ كيف بعدة سنوات سابقة ؟صمت فيها رمضان، ونسيت أن فى رمضان ليلة خير من ألف شهر؟ لذلك نشتاق جميعا الى رمضان حتى نستقبله، وترانا لا نودّعه إلاّ وقلوبنا تحترق لوداعه، ولسان حال كل منا لعلنا لا نلقاه بعد عامنا هذا فالسعيد فينا من يوفقه الله الى صيام نهاره وقيام ليله ،والى تلاوة القرانوعمل الخيرات،والتصدق على الفقراء والمساكين، إن شهر الصيام إخواني هو موسم النفوس الطائعة، وهو مدرسة كاملة للتربية ،على الأخلاق الفضيلة، من الأمانة والصبر والرحمة ،والشعور بآلام الفقير والمحتاج، فالصائم أمين على هذه العبادة التي لا يشوبها الرياء،والرياء كما تعلمون أصغر أنواع الشرك بالله، لأن الصيام سرّ بين العبد وربه (الصوم لي وأنا أجزئ به) فالصوم فيه تجديد للعهد على الطاعة والعبادة يقطعه المخلصون على أنفسهم، والصائمون على المعاصي، طمعا في فضل ومغفرة خالقهم، وكما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم :(إن في الجنة بابا يقال: له الريان ،يدخل منه الصائمون يوم القيامة ،لا يدخل منه أحد غيرهم ،يقال :أين الصائمون ؟فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ،فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) وبصومنا لرمضان على هدي نبينا الكريم تسمو أرواحنا ، وتطيب نفوسنا وأعمالنا ، وتصقل قلوبنا ، وتنقّى سرائرنا ، وتزكّى نفوسنا ، ويذهب درَنها، ويتساقط وزرها.
يا من تعّدون أنفسكم لصيام رمضان ،وقيام ليله، وإحياء سنة نبيكم ، وخلفائه من الصحابة والتابعين ،في التراويح والتسابيح ، وفعل الخيرات والبعد عن المعاصي ،والآثام والمنكرات، ليقينكم أن الخاسر من أدراك رمضان ،ولم يغفر له، كما أشار الى ذلك نبينا الكريم عليه من الله أفضل الصلاة وأزكي التسليم (رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له).
وقفات سريعة بين يدي الشهر الفضيل:
* مختلفون حتى فى شعيرة الصيام !
كل عام نجد أن أمتنا الإسلامية لا تتوحد فى صومها فهناك أكثر من دولة عربية وأسلامية صام الناس فيها يوم السبت بينما بدأ السواد الإعظم الصوم يوم الجمعة ولما كانت عبادة الصوم مرتبطة برؤية هلال رمضان لحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) تجد هناك من لا يصوم لرؤية الهلال بواسطة التلسكوبات الفلكية وغيرها ويصر على رؤية الهلال فلماذا لا تصوم الأمة كلها لرؤيته من خلال هذه الوسائل الفلكية العلمية الحديثة؟ مجرد سؤال نعلم علم اليقين أنه لن ينهي جدلا قديما متجددا كل عام .
*شياطين الفضائيات:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قَال : (إِذَا كَانَت أَوَّلُ لَيلَةٍ مِن رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَت أَبوَابُ النَّارِ فَلَم يُفتَحْ منها بَابٌ، وَفُتِّحَت أَبوَابُ الجَنَّةِ فَلَم يُغلَقْ مِنهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيرِ أَقبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ في كُلِّ لَيلَةٍ). فاذا كان الله سبحانه وتعالي يصفد الشياطين فى هذا الشهر الكريم حتى يغنم الصائمون ويفوزوا بالجنان فإن بعض إخواننا من القائمين على أمر الفضائيات يطلقون شياطين الإنس من مخرجين وممثلين ومن أهل الفن حتى يجعلونا نحن ضعاف الإيمان فى حيرة من أمرنا فالمسلسلات تعرض فى أوقات الصلوات وطوال الليل فلماذا لا تساعد الفضائيات الناس بتركهم لشهر واحد يتعرضون لنفحات الله فى دهره؟
*الصديقون والشهداء:
جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح ابن حبان - فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأديت الصلوات الخمس وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته فمن أنا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( أنت من الصِّدِّيقين والشهداء )فكيف أخي الفاضل إذا أضفنا لها الصدقات والنوافل وافطار الصائمين من الفقراء والمساكين؟وساعدنا فى رمضان المحتاجين وتذكرنا فضل الظهر(من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له،يسير أحدنا بسيارة فارهة فى شوارع المدينة ويري الناس وقوفا على الطرقات فلا يحمل معه على ظهر دابته الفارهة هذه أحدا من هؤلاء،ثم يقول لك ،أنا صائم،يحلف الجزار والتاجر والصانع كذبا فى نهار رمضان ويقول لك: إني صائم،يقصر الموظف فى عمله ولا يخلص معاملات المراجعين ثم يقول لك :إني صائم،مطلوب من التجار أن يخففوا على الصائمين فى هذا الشهر ولا يسعوا الى الربح الفاحش،مطلوب من سائقي السيارات العامة تخفيف معاناة الطلاب وذوي الحاجة، مطلوب من وسائل الاعلام خاصة الفضائيات أن تتقي الله فى الصائمين،مطلوب من أخواتنا وبناتنا الاحتشام حتى لا يحملن أوزارا كثيرةفى هذا الشهر وفي غيره، وبامكان المرء أن يجعل كل حركاته وسكناته لله، تناظر أبو موسى ومعاذ ابن جبل حول قيام الليل قال معاذ رضي الله عنه: (أما أنا فأصلي وأرقد وأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي). أنظر يا هداك الله الى فضله حتى وأنت نائم تكسب أجرا فكيف بك فى يقظتك؟
*أخلاق الصائم
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن جهل عليه أحد فليقل إني امرؤ صائم) ما فائدة الصيام إذا كان لا ينهى عن فحشاء أو منكر؟ ووما فائدة الصيام إذا كان لا يزكي الأنفس ويطهرها من الشح والأثرة وسائر الدناءات؟ومن أخلاق الصيام التي ينبغي للصائم المؤمن أن يتحلى بها خلق الصبر، ورمضان شهر الصبر، لأن الامتناع عن الشهوات المعتادة يحتاج إلى صبر، فيصبر الإنسان على الجوع والعطش، طاعة لله عز وجل ومحبة له، واتباعاً لنبيه صلى الله عليه وسلم،ومن أخلاق الصيام: الرحمة والمواساةوقضاء الحوائج، فرمضان شهر الرحمة والمواساة، يتذكر فيه الغني أخاه الفقير، ويشفق عليه، ويواسيه بالمال والطعام والشراب، وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال: (من فطَّر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينقض من أجر الصائم شيء) والصبر على أذى الناس وسفاهة السفهاء، قال صلى الله عليه وسلم: (وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يفسق ولا يرفث، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم) متفق عليه ،ومن أخلاق الصيام: الأمانة؛ لأن الصيام أمانة من جملة الأمانات التي تحملها الإنسان وعجزت عن حملها السماوات والأرض قال تعالى: (ِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (72) سورة الأحزاب، ومن أخلاق الصائم المؤمن: النصح لكل مسلم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدين النصيحة)قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم. ومن أخلاق الصيام: الإصلاح بين الناس: وهو باب عظيم من أبواب الخير غفل عنه كثير من الناس، قال -تعالى: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (114) سورة النساء. وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (10) سورة الحجرات.
*صنوف البر فى رمضان
أنواع البر وصنوفه فى رمضان كثيرة لا تحصى فمنها على سبيل المثال لا الحصر: الصيام يغفر به الله ما تقدم من السيئات، ويبلغ به العبد العالي من الدرجات فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ومن أبواب البر في هذا الشهر الكريم قراءة القرآن: فإن هذا الشهر هو شهر القرآن قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم القرآن في رمضان فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان جبريل يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه) ومن أبواب الخير في هذا الشهر الكريم الجود والكرم والسخاء والصدقات وذلك أن النفوس إذا زكت وطهرت أعطت وبذلت، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ،حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن،فالرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) وللأسف فإن بعض أهل الإنفاق يمسك عن البذل والصدقة خشية الفقر أو بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد أو غير ذلك من الأسباب ولهؤلاء الإخوة نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال) أو (ما نقص مال من صدقة) ومن أبواب الخير في هذا الشهر اعتكاف العشر الأواخر منه فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل).
*الشيخ كشك رحمه الله
في آخر لقاء مع الشيخ الخطيب عبدِ الحميد كشكٍ رحمه الله سأله الصحفي:
ما البرامج التي تعجبك وتجلس أمام التلفزيون لمتابعتها ؟
فأجاب :أنا لا أجلس أمام التلفزيون إلا للضرورة السياسية كخطاب سياسي أما غير ذلك فإن الله تبارك وتعالى أكرمني بفقد البصر حتى لا أرى ما يغضبه .
رأيت العمى أجراً وذخراً وعصـمةً
وإنـــي إلى تلك الثلاثِ فقيـرُ
يعيرني الأعــــداءُ والعيبُ فيهمُ
وليس بعيبٍ أن يُقـــال ضريـرُ
إذا أبصر المرءُ المروءة والــــوفا
فإن عمى العينين ليس يَضيــــر
لا ضير أخي الصائم فى أن تجلس أمام التلفاز، لكن حذار أن تنظر الى ما لا يرض الله فى هذا الشهر الفضيل ثم سئل عن تجربته في الحياة سواء في السجن والمحنة أم غيرها وما الحكمة بعد كل هذه التجربة ؟ فقال : لخصتها في ستِّ حِكم :
ذقت الطيباتِ كلَّها, فلم أجد أطيب من العافية، وذقت المراراتِ كلها, فلم أجد أمرّ من الحاجة إلى الناس،وحملت الصخر والحديد, فلم أجد أثقل من الدين، ولو سئلت عمن هو أثقل من السموات والأرض لقلت : تهمة البريء. الشجاعة ليست هي التهورَ, إنما أن تقول الحق دون أن تسمح للآخرين بأن يتسلقوا على كتفيك. وإياك أن تغتر بالعواطف, فإن العواطفَ تخفي وراءها ما وراءها .
*حتى ينكح أربع نسوة
دخل أعرابي على الحجاج فسمعه يقول:
لا تكمل النعمةُ على المرء حتى ينكح أربع نسوة يجتمعن عنده، فانصرف الأعرابي فباع متاع بيته، وتزوج أربع نسوة، فلم توافقْه منهن واحدة، خرجت واحدة حمقاءُ رعناءُ، والثانية متبرّجةٌ، والثالثة فاركٌ أو قال: فروك، والرابعة مُذَكَّرة، فدخل على الحجاج فقال: أصلح الله الأمير، سمعت منك كلاماً أردت أن تتم لي به قرةُ عين؛ فبعت جميع ما أملك، حتى تزوجت أربع نسوةٍ، فلم توافقني منهن واحدة، وقد قلت فيهن شعراً، فاسمع مني، قال: قُل. فقال:
تزوجتُ أبغي قُرّةَ العينِ أربَعا ***فياليـتَ أنّى لم أكـن أتـزوَّجُ
وياليتنى أَعْمَى أصمُّ ولم أكُنْ *** تزوجتُ بل ياليت أنـى مُخَـدَّجُ
فواحدةٌ ما تعـرفُ الله ربَّها *** ولا ما التُّقَى تدري وَلا ما التَّحرُّجُ
وثانيةٌ مـا إن تـقـرَّ ببيتها *** مـذكّـرةٌ مشـهـورة تتـبرَّجُ
وثالثة حمقاءُ رَعْنَا سـخيفةٌ *** فكل الذي تأتـي من الأمر أعوجُ
ورابعةٌ مفروكةٌ ذاتُ شـِرَّةٍ *** فليستْ بها نفسي مَدَى الدهر تُبْهَجُ
فهنَّ طلاقٌ كلّـُهُن بوائنُ *** ثـلاثاً ثلاثاً فاشـهَدُوا لا تلجلجوا
فضحك الحجاج حتى كاد يسقط من سريره، ثم قال له: كم مهورهنّ؟ قال: أربعة آلاف درهم. فأمر له بثمانية آلاف درهم.
*بخل
* قالَ الأعمشُ : أدركتُ أقواماً كانَ الرجلُ منهم لا يلقى أخاه شهراً وشهرين، فإذا لقيه لم يزده على "كيف أنت؟ "، و "كيف الحالُ؟"، ولو سأله شطرَ مالِه لأعطاه .
ثم أدركتُ أقوامًا لو غابَ أحدهم عن أخيه يوماً، ثم لقِيه، لسأله عن الدجاجة في البيتِ، ولو سأله شطرَ حبّةً من مالِه لمنعه ! أحِبَّ اللهَ يحببك الناس.. ما يحبُّه فأحبَّه، وما يكرهُه فاكرهْه؛ إذن ترتفع منزلتك عند الله وعند الناس، وبهذا وحده تظلُّ عاليَ الشأن رفيع المنزلة..!
*من أقوال السلف
*قال ابن القيم رحمه الله: ولو لم يكن في العلم إلا القرب من رب العالمين والالتحاق بعالم الملائكة لكفى به شرفاً وفضلاً، فكيف وعزّ الدنيا والآخرة منوط به مشروط بحصوله
*قال الحسن: إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغدك، فإن يكن غداً لك فكن في غد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن لك غد لم تندم على ما فرطت في اليوم.
*قيل للشعبي رحمه الله: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الجماد، وبكور كبكور الغراب.
*قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو.. حامض.. عذب.. أجاج.. وغير ذلك، ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه.
*قيل لأحمد بن حنبل: كيف تعرف الكذابين؟ قال: بمواعيدهم.
*جنون
أنا متعَب ودفاتري تعبت مـعي هل للدفاتر يا ترى أعصــاب ؟؟
لاتعذلوني إن كشفت مواجعـي وجـه الحقيـقة ماعليه نقــاب
إن الجنون وراء نصف قصائدي أوَ ليس في بعض الـجنون صوابُ !
فإذا صرخت بوجه من أحببتهم فلكي يـعيش الحبُّ والأحبــاب
*أحمق
ضاع لأحدهم حمار فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجد الحمار وبعد فترة من الزمن وجد حماره فأوفى بنذره وصام الثلاثة الايام وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار فقال: لأخصمنها من شهر رمضان.
*دعاء
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء، ربنا هب لنا حكماً، وألحقنا بالصالحين، واجعل لنا لسان صدق في الآخرين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم، ولا تخزنا يوم يبعثون، ربنا هب لنا من الصالحين، ولا تجعلنا فتنة للذين كفروا، وأوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا، وأن نعمل صالحاً ترضاه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.